التكنولوجيا والعلم الحديث

المفهوم الشائع لمصطلح التكنولوجيا هو استعمال الكمبيوتر والأجهزة الحديثة ، و هذه النظرة محدودة الرؤية ، فالكمبيوتر نتيجة من نتائج التكنولوجيا ، بينما التكنولوجيا التى يقصدها هذا المقرر هى طريقة للتفكير وحل المشكلات ، وهى أسلوب التفكير الذى يوصل الفرد إلى النتائج المرجوة أى أنها وسيلة وليست نتيجة ، و أنها طريقة التفكير فى استخدام المعارف والمعلومات والمهارات بهدف الوصول إلى نتائج لإشباع حاجة الإنسان وزيادة قدراته  ، لذا يري اللقاني والجمل أن التكنولوجيا تعني الاستخدام الأمثل للمعرفة العلمية وتطبيقاتها وتطويعها لخدمة الإنسان ورفاهيته. 
ويمكن تعريفها بأنها ” العلم الذي يعنى بعملية التطبيق المنهجي للبحوث والنظريات وتوظيف عناصر بشرية وغير بشرية فى مجال معين ، لمعالجة مشكلاته ، وتصميم الحلول العلمية المناسبة لها ، وتطويرها ، واستخدامها وإدارتها وتقويمها لتحقيق أهداف محددة".
ويرى آخرون أنها العلاقة بين الإنسان والمواد والأدوات كعناصر للتكنولوجيا وأن التطبيق التكنولوجي يبدأ لحظة تفاعل هذه العناصر معًا ، وتعرفها كوثر كوجك على أنها  جهد وفكر إنساني، وتطبيق المعلومات والمهارات لحل مشكلات الإنسان ، وتوفير احتياجاته وزيادة قدراته.
و هي التطبيق المنظم للمعرفة ، والعلوم الأخرى المنظمة ، في مجال معين أو التطبيق العلمي التي تتعلق بالعلوم الطبيعية بهدف الحصول على نتائج علمية محددة ، بمعني أنها الجانب التطبيقي للمعرفة والنظريات العلمية لتحقيق أهداف محددة.
 ويلخص حسين كامل بهاء الدين رؤيته لمفهوم التكنولوجيا قائلا:
إن التكنولوجيا فكر وأداء وحلول للمشكلات قبل أن تكون مجرد اقتناء معدات “، ويعتقد كل من ماهر إسماعيل صبري وصلاح الدين محمد توفيق  أن التكنولوجيا ليست مجرد علم أو تطبيق العلم أو مجرد أجهزة بل هي أعم وأشمل من ذلك بكثير فهي نشاط إنساني يشمل الجانب العلمي والجانب التطبيقي.
من خلال هذا العرض يمكننا تعريف التكنولوجيا على أنها:
" جهد إنساني و طريقة للتفكير فى استخدام المعلومات والمهارات والخبرات و العناصر البشرية وغير البشرية المتاحة فى مجال معين وتطبيقها فى اكتشاف وسائل تكنولوجية لحل مشكلات الإنسان وإشباع حاجاته وزيادة قدراته"
 خصائص التكنولوجيا:
1 - التكنولوجيا علم مستقل له أصوله وأهدافه ونظرياته
2 - التكنولوجيا علم تطبيقي يسعى لتطبيق المعرفة
3 - التكنولوجيا عملية تمس حياة الناس
4 - التكنولوجيا عملية تشتمل مدخلات وعمليات ومخرجات
5 - التكنولوجيا عملية شاملة لجميع العمليات الخاصة بالتصميم والتطوير والإدارة
6 - التكنولوجيا عملية ديناميكية أى أنها حالة من التفاعل النشط المستمر بين المكونات
7 - التكنولوجيا عملية نظامية تعنى بالمنظومات ومخرجاتها نظم كاملة أى أنها نظام من نظام
8 - التكنولوجيا هادفة تهدف للوصول إلى حل المشكلات
9 - التكنولوجيا متطورة ذاتيًا تستمر دائمًا فى عمليات المراجعة والتعديل والتحسين.

يمكن تحديد المكونات الثلاثة التالية للتكنولوجيا:
المدخلات:
وتشمل جميع العناصر والمكونات اللازمة لتطوير المنتج ، من :  أفراد ، نظريات وبحوث ، أهداف ، آلات ، مواد وخامات ، أموال ، تنظيمات إدارية ، أساليب عمل ، تسهيلات.
العمليات :
وهى الطريقة المنهجية المنظمة التى تعالج بها المدخلات لتشكيل المنتج.
المخرجات:
وهى المنتج النهائي فى شكل نظام كامل وجاهز للاستخدام كحلول للمشكلات.
 التربية التكنولوجية:
عرف اليونسكو التربية التكنولوجية على أنها تلك الحاجات الإنسانية المعرفية و المهارية التي يعتمد عليها الفرد فى حياته ، وهى ذاتها تعتمد بدورها على نظم التربية وأساليب التكنولوجيا ، بينما عرفها جراى على أنها خطة لتنفيذ حاجات المجتمع ومتطلباته ، بداية من التدريب على مهارات التفكير ومرورًا بعمليات تطوير المهارات المطلوبة لقوة العمل ، وانتهاءً بتحقيق أهداف تنمية الفرد والمجتمع ، وهى مسئولية المؤسسات التربوية ؛ لأنها مجال من المجالات النوعية فى الميدان التربوي ، لذا يجب تطبيق مناهج التربية التكنولوجية فى مدارسنا بعد اختيار ما يناسب مجتمعنا ، كما أجمع الباحثون على ذلك, وعرفها كل من  ماهر صبري وصلاح الدين توفيق بأنها:  عملية هادفة ومنظمة يتم من خلالها تزويد الفرد بالقدر اللازم من الخبرات التكنولوجية من معارف ومهارات واتجاهات وسلوك وأخلاقيات والتي تعمل علي تنوير هذا الفرد وتثقيفه تكنولوجيا ، بينما يعرفها كل من أحمد اللقاني وعلي الجمل  علي أنها نوع من الفكر يركز علي كفايات الفرد من حيث تناول المواد الدراسية وتبسيطها وتنويعها ، وبالشكل الذي يتناسب مع كل متعلم ، ويهتم هذا الفكر بوسيلة نقل محتوي المادة العلمية والأجهزة والمعدات والمواقف التعليمية.                    
عناصر التربية التكنولوجية:

القدرة التكنولوجية:
وهذا يعنى قدرة الاشتراك فى العمليات النشطة للتكنولوجيا بمعنى:
- معرفة الاحتياجات والفرص للحلول التكنولوجية.
- التصميم والتنفيذ والتصنيع والبيع والتشغيل والصيانة واستخدام المنتجات التكنولوجية.
- الاكتساب والتطبيق للمعرفة والفهم والمهارات.
- الاختبار والتقييم للمنتجات التكنولوجية.

التشريع الجنائي في الإسلام و منهجه في حفظ الحقوق

I - السياق التربوي والحقوقي للتشريع الجنائي في الإسلام
1- موقع التشريع الجنائي في منظومة الحقوق في الإسلام
ا- مفهوم التشريع الجنائي
التشريع الجنائي: هو مجموع الأحكام الشرعية المحددة للعقوبات المفروضة على من اعتدى على إحدى الضروريات الخمس، أو حق من الحقوق فالحق بها ضررا خفيفا أو شديدا .
ب- مفهوم الجناية وأقسامها.
أ- الجناية: هي كل فعل مضر جرمته الشرعية من قول أو عمل ،يحدثه للإنسان ضد نفسه أو غيره على إحدى الضروريات.                                                                                 
والعقوبة: هي الجزاء الذي يستحقه الجاني نظير ما وقع منه من معصية .....
ب-أقسامها:تنقسم إلى حدود وتعاز ير وقصاص وديات. 
 فالحدود : جمع حد وهي عقوبة مقدرة شرعا على ذنب سواء كانت حق للعبد أو لله .
 والتعازير وهي تأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة . 
 والديات : وهي اسم للمال الذي يدفع لأهل القتيل عوضا عن دم وليهم وتطييبا لخاطرهم من قبل من يجب عليه ذلك .

2- السياق التربوي للتشريع الجنائي في الإسلام
ا- العقيدة أساس التشريع الجنائي.
- ليس بالحدود وحدها تقام الشريعة ، وبناء الشريعة طبقات ....ولا يقوم بناء الإسلام إلا بإقامة هذه الطوابق وهدم جزء منه هدم للجميع . فالتشريع الجنائي الإسلامي مرتبط بغيره من مكونات الدين ويحتل الرتبة الأخيرة بينها .
- لن يفلح أي تشريع جنائي لوحده في الحد من نسب الجريمة في غياب الوعي والحصانة التربوية والعقدية، فوازع الدين والتقوى وخوف الله .......من أقوى ما يصرف الناس عن ارتكاب الجرائم .

ب- العبادات دعامة التشريع الجنائي
- إضافة إلى العقيدة ،فالعبادات اليومية لها دور كبير في  صرف المسلم عن ارتكاب الجرائم،فالعبادة في الإسلام مرتبطة بالتربية الذاتية والتزكية الروحية. كما قال تعالى :  « اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) » العنكبوت.  
3- السياق الحقوقي للتشريع الجنائي في الإسلام
إن أهم ما يميزه عن غيره من الأنظمة الأخرى هو: ارتباطه بسياق حقوقي، تكفله منظومة من التشريعات الوقائية التي تحقق مقاصدها ، فالإسلام حارب الفقر ....،ودعا إلى التعفف والستر...،وقدر العقل باعتباره أساس تكريم الإنسان وحارب كل ما في اعتداء عليه،......الخ. ومتى اختلت إحدى الشروط أوقف ولي الأمر تطبيق الحدود مؤقتا حتى تتحقق الظروف المواتية لأن تطبيقها في هذه الحالة يعد إخلالا بميزان العدالة.....كما ورد ذلك في حالات عديدة على عهد النبي e وخلفائه بعده. عن عباد بن شرحبيل t إنه سمع رجلا من بني غبر قال: أصابنا عام مخمصة.......الحديث» ص 108

II - وظيفة التشريع الجنائي الإسلامي في حماية الحقوق.
ا- حماية الأنفس والأمن الاجتماعي: ومن أجل ذلك شرع الإسلام عقوبات زجرية قاسية جزاء وفاقا للجرائم المرتكبة ، فالاعتداء على النفس شرع له القصاص أو الدية في حالة تنازل صاحب الدم عن حقه....وشرع حد الحرابة جزاء على جريمة الفساد في الأرض والبغي وتهديد أمن المجتمع واستقراره قال تعالى :« وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفُِ......المائدة ».وقال تعالى :«إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فسادا.....
ب- حماية الأعراض والنظام الاجتماعي: والتي يكون الاعتداء عليها بهتك أعراض الناس والطعن في أنسابهم واتهامهم دون بينة، ويكون بالزنا أو بالقذف ومن شأن ذلك إشاعة الفاحشة في المجتمع ...، مما يفضي إلى اهتزاز القيم الأخلاقية وانفصام العلاقات الزوجية والأسرية.ومن هنا شرعت العقوبات الزاجرة والمانعة من انتشار هذه الجرائم وهي حد الزنا وحد القذف.قال تعالى:«الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ......» سورة النور الآيات 2 3 4 5.
ج- حماية الأموال وحق التملك:    بعد توفير الإسلام مناخ التكافل والتراحم وتهييئه أسباب الوفرة و.......... وقد سن الشارع العقوبات الزاجرة المانعة من الاعتداء على ممتلكات الغير وحقوقهم بدون وجه حق، وضمانا لشيوع الأمن والاستقرار قال تعالى: «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ »  سورة المائدة الآية 38.
III - خصائص التشريع الجنائي في الإسلام

الإسلام يوفر لأفراد المجتمع من الحقوق ما يكفيهم بحيث يصبح ارتكاب الجريمة في حد ذاته هو الوحشية.والإسلام لا يقضي بهذه العقوبات الرادعة إلا في حالة التأكد المطلق الذي لا شبهة فيه عن طريق وسائل الإثبات المتفق عليها ، ( الاعتراف، والشهادة بشروطها، واليمين، والقرائن المصاحبة )، وعلى الرغم من أن العقوبات الإسلامية قد تبدو في بعض الحالات عنيفة وقاسية إلا أنها لا تطبق بتسرع، أو لمجرد الشبهة وإنما هي محكومة بعدد من الإجراءات الدقيقة التي ينبغي توافرها، قبل إدانة المجرم، مما يجعل تحقيقها قليلاً، إن لم يكن نادراً. ويمكن القول بأنها وضعت للردع والتحذير وتخويف المسلم من أن هناك جرائم لا يرضى عنها اللَّه تعالى، الذي هو أرحم الراحمين وأعدل العادلين.
وقد كان لتحديد هذه العقوبات بهذه الصورة أثر بالغ في تكوين ضمير جماعي لدى المسلمين عبر العصور وفي كل المجتمعات تقريباً، وهذا الضمير جعلهم يمتنعون عن ارتكاب الجرائم من منطلق ديني أكثر من خوفهم من تشريع مدني. وصدق الله العظيم إذ يقول:« وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) » سورة البقرة .

التنمية الإنسانية للحد من انتشار الخلل الاجتماعي

التواصل الإنساني ومبدأ تنمية توجهات الإنسان منذ عهد طفولته بواسطة أبوية (الأب والأم) هو أمر يصيب في خلاصه مداه إعطاء الحياة معنىً أفضل للوجود.

إن آليات بناء الشخصية الإنسانية ليست مسألة هينة كما قد يخطر على البال ، فالقضية الأهم بهذا الصدد أن تكون هناك مناهج للتنمية الإنسانية بحيث تكون هناك خطوط التقاء التي تقوي إنسانية الإنسان وتنميها عبر الالتزام بالسلوكيات السوية التي تعرف كل مرء بحدود حريته وحقوقه مقابل معرفة استقلال حدود حرية وحقوق الآخرين سواء في تجمع أفراد عائلته أو في مساحة مجتمعه الكبير.

وبديهي جداً أن بناء القدرات البشرية فيما يتعلق بالبناء النفسي مسألة خاضعة للسير مع أي طوارئ إيجابية.. تغير من نمط الحياة وعلاقاتها والتعليم الأولى بقدر ما يبقى واحداً من أهم مستلزمات التواصل الأفضل بين البشر أن العالم اليوم يزداد التحاماً في مجمل علاقاته وهذا ما هو ملاحظ أن كل مجتمع أيضاً قد تأثر بهذه الظاهرة أيضاً فمثلاً أن العلاقات المجتمعية في أغلب البلاد العربية قد ازدادت عما كانت عليه قبل زهاء ربع قرن من الزمان ويعود ذلك لجملة أسباب منها تهافت الناس على اقتناء الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة بنسب لم يسبق لها مثيل وهذا ما وفر وجود نوع من الخطاب على التفاهم عبر عروض الإعلاميات المختلفة فالخبر الذي تنقله فضائية إعلامية معينة ويثير اهتماماً لدى شريحة من الجمهور المتلقي ترى أفراده منشغلون في اليوم التالي للحديث عنه ومناقشته سواء بإسهاب أو باختصار.

إن العدو الأول للتنمية الإنسانية هو تسخير مبدأ الضبابية على الأفكار مما يقصم نسبة من حماية الشعور العفوي عند المرء إذ سيصاب بشيء من التلوث في تطلعاته الإنسانية ما لم يتدارك لمواجهة ذلك بسلاح الوعي ويواصل فعالية عقله فيما يتعلق بكسبه لمعرفة أعمق بما يدور بالحياة وما يتحكم بالعيش.

إن الخبرة الإنسانية المتاحة للإنسان المعاصر ليست قليلة وتحقيق مد الجسور للإنسان (تعليمه وتثقيفه وتوفير بيئة عائلية واجتماعية جيدة له مع إبعاد التأثيرات السياسية السلبية عن حياته كلها أرصدة استثمار لتنمية الناس على أسس الأخلاق الفاضلة.

ولعل في إدراك الهدف السامي الذي يتطلع إليه كل إنسان وكل مجتمع بالظفر بحياة كريمة فيها من تحقيق نسبة مقبولة من الآمال ستبقى عناوين صالحة لنقل مبدأ التنمية الإنسانية إلى آفاق حياة أكثر سعة لها من الدور المفرز لعملية التقدم الاجتماعي الحقيقي العام بشطريه التقدم الروحي والتقدم المادي.

إن البشرية تعتلي يومياً من أجل إنقاذ الإنسان لنفسه من نفسه أولاً بعد أن فشل العالم المعاصر من تثبيت أركان سلامة النفوس وتعطيه من قرابين لأجل لا شيء نتيجة لديمومة أحداث تأجيج بؤر القتل والدمار الذي تشاهده البشرية كل يوم من على شاشات التلفزة وهذه من العوامل الخطيرة التي لا يوجد لها أي مبرر قوي سوى أن هناك أيادي خفية تحرك تلك الأحداث لغايات سياسية دولية غير إنسانية وإلا ماذا يمنع أن يكون أسلوب التفاهم والاعتراف بحق الآخر كسبيل لحل أي مشكلة محلية أو دولية بأي مكان من العالم.

إن تهبيط مستوى التفكير النفسي إلى درجة المعاناة يسبب في حده الأدنى مرضاً نفسياً عند المعانين فيضطر هذا المصاب أن يتنفس للتعويض عن هذا المرض أما بعلاجه بيولوجياً أي بالذهاب إلى طبيب سيحصل منه حتماً على وصفة طبية لحبوب مسكنة قليلاً لنفسه وإذا تعذر ذلك فإن سلوكه سيصاب عادة بالتوتر والارتباط وهذا ما ينعكس على عموم محيطه الاجتماعي صغر أم كبر هذا ناهيكم عن إصابة المريض النفسي أحياناً بضعف في بعض أجهزته المهمة كالإصابة بالقلب وغيرها إذ أن جسم الإنسان ليس قادر دوماً على مقاومة الأمراض النفسية أو الصدمات النفسية فهناك حالة اختلاف بين شخص وشخص.

ففي المجتمع الإنساني الذي يكون مبدأ (التنمية الإنسانية) قد أخذ فعله الإيجابي بين أفراده لا يمارس حالة أن يبيع بضع الناس لبعض أعضاءهم البشرية لكونهم محتاجين للأموال لتمشية أمور وجودهم في الحياة إذ أن قوة (التكافل الاجتماعي) في مجتمع التنمية الإنسانية يكون فيه من القوة ما يجعل بالأساس أن الحد من انتشار الأمراض النفسية والتربوية والاجتماعية وكذلك البيولوجية والأوبئة الطارئة هي في حدودها الأدنى وذلك لأن احتياطات الوقاية لكل إصابة ستكون هي الحالة المهيئة المتفرغ لها فردياً واجتماعياً بسبب جدية التواصل الإنساني الواقع فعلاً في المجتمع الإنساني وناسه الحريصون على اعتماد مبدأ التنمية الإنسانية بينهم.

ولعل بالامكان القول أن التنمية الإنسانية هي اليوم القضية العالمية الأولى التي منها يمكن أن تنطلق البشرية إلى شاطئ الأمان بخطوات واثقة.

بطاقة أوربا الزرقاء: مغناطيس لجذب المهارات من انحاء العالم

تقترح المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي اعتماد نظام جديد للعمل بالبطاقة الزرقاء كوسيلة لجذب المهاجرين المهرة للعمل في الدول الأعضاء في الاتحاد، وذلك على غرار البطاقة الخضراء المعتمدة في الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال.
وستسمح البطاقة الجديدة للأشخاص المؤهلين بشكل مناسب ولعائلاتهم ايضا بالعيش والعمل في دول الاتحاد.

وللحصول على البطاقة الزرقاء، ومدتها سنتان على الأقل، على المهاجر المؤهل الحصول على عقد من احدى دول الاتحاد مدته سنتان يضمن له راتبا يساوى ثلاثة اضعاف الحد الأدنى للأجور على الأقل.

مليون فرصة عمل في السنة
ويقول الاتحاد الاوربي انه سوف يحتاج حوالي 20 مليون من المهاجرين المهرة على امتداد العشرين سنة المقبلة، فدول الاتحاد تعاني من نقص في الخبرات في مجالي الهندسة وتكنولوجيا المعلومات على وجه الخصوص.
 
ويقول المراسلون ان الغرض الآخر من الاقتراح الجديد هو ردع الأشخاص الحاصلين على افضل انواع التدريب والمهارات من الهجرة الى الولايات المتحدة بحثا عن فرص عمل.
ويقول مارك مارديل، مراسل بي بي سي في العاصمة البلجيكية بروكسل، ان الخطة الجديدة أثارت جدلا واسعا، إذ ان بعض البلدان (الأوروبية) ستعارضها بالتأكيد.

استنزاف العقول
كما يخشى النقاد من أن يُشجع سعي اوروبا إلى الحصول على الأفضل (أفضل المهاجرين) وترك ما تبقى ممن هم اقل مهارة هجرة واستزاف الأدمغة من الدول الأكثر فقرا.

ووفقا للاقتراحات الجديدة، التي يُتوقع ان يتم الكشف عنها بعد ظهر اليوم الثلاثاء، ستُمكِّن البطاقة الزرقاء حامليها وأسرهم من العيش والعمل والتنقل ضمن دول الاتحاد.
وحتًّى يصبح المهاجر مخوًّلا للحصول على البطاقة الزرقاء المذكورة، سيتعيًّن على المتقدِّم إبراز شهادة دبلوم مُعترف بها، وإثبات الحيازة على شهادة خبرة مهنيًّة لا تقلُّ عن ثلاث سنوات وان لا يكون بالإمكان ملء الشاغر الذي يتم التقدُّم إليه من قبل أحد مواطني الاتحاد.

مغناطيس باستخدام البطاقة الزرقاء بإمكان المهاجر تجميع فترات الإقامة، كالإقامة في بلد لمدة ثلاث سنوات وسنتين في بلد آخر بدلا من اضطراره إلى الإقامة في بلد واحد لمدة خمس سنوات من أجل الحصول على حقِّ الإقامة الدائمة.

وتقول المفوضية في بيان أصدرته في هذا السياق: حتى نحافظ على النمو الاقتصادي والتطور في الاتحاد الأوروبي، فإنه من الأساسي لأوروبا ان تصبح مغناطيسا لجذب الأشخاص ذوي الكفاءات والمهارات العالية.

ويضيف البيان قائلا: ولكي نقوم بذلك، يتعين على الاتحاد تقديم نفسه كجبهة موحدة، بدل التركيز على السياسات المتباينة لكل دولة عضو في الاتحاد في ما يخص موضوع الهجرة.
وستحتاج الخطة الجديدة لكي تصبح نافذة الى ان توافق عليها جميع الدول الأعضاء بالاتحاد.

دول مُحجمة
وقد تُحجم كل من بريطانيا وأيرلندا والدنمارك عن المشاركة في الخطة الجديدة، ولكن يتعين أن تشارك بقية الدول الأعضاء فيها.
ويقول وزراء بريطانيون بشكل رسمي إنهم يدرسون الخطة، لكن مراسل بي بي سي يفيد بأن هؤلاء الوزراء غير مهتمين حقيقة بالفكرة، إذ أنهم يفضلون تطوير ما يُعرف بنظام النقاط كبديل عنه.
ويتخذ بعض الساسة في كل من هولندا وألمانيا موقفا عدائيا من الخطة، بينما أدانتها الحكومة النمساوية واعتبرتها "مغرقة في المركزية".

توتر السياسيين 
سوف يحتاج الاتحاد حوالي 20 مليون من المهاجرين المهرة على امتداد العشرين سنة المقبلة، وفي ظل ذلك هناك توتر حقيقي بين السياسيين في جميع أرجاء أوروبا، أولئك السياسيين الذين يعرفون بأن ناخبيهم ينتابهم الشعور بالقلق والتوجس بشأن المهاجرين والأعمال التي يقولون إنه لا يمكن تسييرها بدون الاعتماد على خبرات الخريجين من الهند والصين.

وكان فرانكو فراتيني، مفوض الشؤون الداخلية في الاتحاد، قد كشف لأول مرة أن الاتحاد سيسعى الى جذب المهاجرين من ذوي المهارات العالية عبر تسهيل إجراءات السفر والتنقل ضمن الدول الأعضاء.

تجميع الإقامة
وقال فراتيني: باستخدام البطاقة الزرقاء بإمكان المهاجر تجميع فترات الإقامة، كالإقامة في بلد لمدة ثلاث سنوات وسنتين في بلد آخر بدلا من اضطراره إلى الإقامة في بلد واحد لمدة خمس سنوات من أجل الحصول على حق الإقامة الدائمة.
وللحصول على البطاقة الزرقاء، ومدتها سنتان على الأقل، على المهاجر المؤهل الحصول على عقد من إحدى دول الاتحاد مدته سنتان يضمن له راتبا يساوى ثلاثة أضعاف الحدِّ الأدنى للأجور على الأقل.

وستجعل قضية ضرورة إقرار الخطة من قبل كل الدول الأعضاء في الاتحاد أمر اعتماده بشكل نهائي شيئا صعبا لأن ذلك يمس بناحية في غاية الحساسية وهي منح المهاجرين حقوقا بالعمل والضمان الاجتماعي مطابقة لتلك التي يتمتع بها المواطنون.

العبودية الحديثة: ضحايا الاسترقاق الجنسي

تتفاقم ظاهرة التجارة بالبشر عالمياً من خلال استغلالهم بصورة غير مشروعة على أكثر من صعيد خاصة في الفترة الأخيرة، أذ أصبح الاسترقاق الجنسي بمثابة عبودية جديدة تمــارس في وضح النهار. حيث يصطاد صياديو الرقيق الأبيض الضحايا بطرق عديدة وسهلة للغاية في ظل الانحلال الواسع في اغلب المجتمعات العالمية سواء كانت فقيرة او غنية.

ويعد الاتجار في البشر مع تجارة الأسلحة غير المشروعة  ثاني أكبر تجارة غير قانونية بعد المخدرات، وتعتبر أيضا الأكثر نموا في العالم، ويتم الاتجار بـ 800 الى900 ألف ضحية سنويا عبر العالم، ويقدر سعر الفرد الواحد من الرقيق الحديث بأقل من سعر أي هاتف جوال أو 90 دولارا. ففي كل 10 دقائق، تتم المساومة على رقيق واحد في الولايات المتحدة، ويتم استغلال ضحية واحدة حول العالم في كل دقيقة، ويتم استغلال أكثر من مليون طفل في تجارة الجنس العالمية، 80٪ ممن يتم الاتجار فيهم نساء وفتيات، و50٪ من القاصرين.

إذ أن تجارة الجسد في عصر العولمة صارت مرتبطة إلى حد كبير بأسواق بعيدة عن بلدان المنشأ التي تصدر بائعات وبائعي الهوى، وقد قسّمت العولمة دول العالم في المجمل إلى دول مصدرة للدعارة ودول مستوردة لها؛ الدول المصدرة هي الدول الفقيرة، والمستوردة هي الأسواق في الدول الغنية، وهو أمر يعكس المعادلة المعهودة بين البلدان المصدرة الغنية والبلدان المستوردة الفقيرة عادة. وعلى الرغم من كل المعالجات التي تقوم بها الجهات المعنية على المستوى العالمي، باتت هذه الظاهرة خطرا مستداما على هذا العالم. إذ يتضح انتشار هذه الظاهرة من خلال صدور كثير من الدراسات والتقارير والقرارات التي صدرت في الفترة الأخيرة حول سبل احتواء ظاهرة الاسترقاق، إلا ان أداء الأسرة الدولية في هذا المجال لايزال ضعيفا وقد يبقى كذلك على المدى البعيد.

الاسترقاق الحديث في العالم
في سياق متصل يوجد في عالم اليوم أكثر من 27 مليون شخص يرسفون تحت قيود العبودية الحديثة، نصفهم من الأطفال، إذ يفوق هذا الرقم أي رقم آخر في التاريخ الحديث، ويمكن لمثل هذه الجريمة الخبيثة أن تجد طريقها إلى أي خط إمداد لأي شركة في أي مكان بالعالم، ويعتبر الاتجار في البشر ثاني أسرع صناعة غير قانونية نموا على كوكب الأرض، وتدر سنويا أكثر من 20 مليار دولار، وتتخذ هذه العبودية المعاصرة أشكالا عدة، وتضم أفرادا من مختلف الأعمار والأنواع والأجناس، ولاتزال صناعات مثل المنتجات القطنية، والبضائع الجلدية، والتبغ، والمطاط، والكاكاو، والقطن تعتمد على الأطفال، أو أعمال السخرة، وتنتشر هذه الجريمة في الدول المتقدمة والناشئة والنامية، على السواء، وهناك الكثير من مبادرات القطاع الخاص، التي استطاعت أن تحقق تقدما ملحوظا في مكافحة هذا النشاط، وأن تسلط عليها الاهتمام الإعلامي، ومن بين هذه المبادرات مشروع الحرية، وأيضا حملة «إنهاء تجارة البشر الآن»، وتربط هذه الحملة مجتمع الأعمال في العالم، بعدد من المبادرات المناهضة للعبودية، وتشجعه على العمل بشكل أخلاقي أكثر، وأطلقت هذه الحملة في ،2006 تحت اسم «مبادئ اثينا الأخلاقية»، التي تبنت إعلان سياسة «عدم التسامح»، مع أي مؤسسة تستفيد بشكل أو بآخر من الاتجار في البشر. وبتوقيع المؤسسات على هذه السياسة، فإنها تكون قد قطعت عهدا على نفسها بأن تكون جميع عملياتها ـ في أي مستوى من المستويات ـ خالية تماما من الاسترقاق. وبتوقيع 12 ألفا و500 مؤسسة على هذه المبادئ، تم تحقيق تقدم كبير في الحد من الاسترقاق الحديث، إلا أن عملية رصد المجالات التي ينشط فيها «النخاسة»، تصبح أمرا يصعب القضاء عليه إلا من خلال العمل المشترك. بحسب السي ان ان. 
أذ أن بين 18 و20 ألف ضحية يتم الاتجار فيهم سنويا في الولايات المتحدة، ومن المعتقد أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك، كما أن 200 ألف عبد يعيشون في الولايات المتحدة وحدها، وفقا لإحصاءات مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن سن الـ،13 هي السن المناسبة لاستغلال الطفل في تجارة الأفلام الخلاعية والدعارة في الولايات المتحدة، ويعيش نحو 2.3 مليون طفل في شوارع العالم، ثلثهم يتم استدراجه للعمل في مجال الدعارة، خلال 48 ساعة من مغادرتهم منازلهم.

صيادو الرقيق الأبيض
فقد قُدر للفتاتين الصغيرتين، نيث وموم، أن تقعا في شباك صيادي الرقيق الابيض في كمبوديا، وعاشت نيث في أحد المواخير أشهراً عدة، إذ تم بيعها لصاحب الماخور من قبل ابن عمها، كانت ضعيفة ولا تدري كم سنها، لكنها تبدو في الرابعة عشرة، بيعت عذريتها في مناقصة، وفاز بها مدير صالة قمار من تايلاند، مات في ما بعد بمرض نقص المناعة المكتسبة (ايدز). أيضاً تبدو موم فتاة ناحلة تعيش تحت خط البؤس في ماخور آخر، تم اجبارها على ممارسة البغاء منذ خمس سنوات، وقُدر أيضاً ان يسافر الصحافي وكاتب العمود الشهير، نيكولاس كريستوف، الحائز على جائزة بلوتزير مرتين، الى منطقة موحشة وخطرة في الشمال الغربي من كمبوديا، إذ استطاع ان يحرر هاتين الفتاتين، بعد ان اشتراهما من سيديهما صحابي المواخير، فدفع 150 دولاراً مقابل نيث و203 دولارات مقابل موم. واستطاع كريستوف بمساعدة منظمة خيرية اميركية ان يدمجهما مرة اخرى في المجتمع الكمبودي، وتُعد قصة نيث وموم محطة صغيرة ضمن المحطات الاخرى التي كشفها كريستوف، وزوجته شيريل وودن، عن الظلم الذي شاهداه في العالم الحديث. ويعتقد كريستوف أن هذا السلوك غير الاخلاقي المتمثل في استخدام الفتيات الصغيرات في تجارة الجنس لا يقل وحشية وفظاعة عن تجارة الرقيق الافريقي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أو فظائع التطهير العرقي في القرن العشرين.

مزايدة على عذرية فتاة
كما بدأت هذه الكارثة العالمية تتكشف بالتدريج ، اذ اكتشف ان ما يصل الى مليوني فتاة تختفي من على ظهر الارض بسبب «التطهير النوعي»، او ما يعني موتهن بسبب الاضطهاد، واخذ الكاتبان يتحريان ويسجلان مختلف انواع الاضطهاد الذي تتعرض له الفتيات، بدءاً من الاسترقاق الجنسي وقتل الفتاة بدواعي ما يسمى الشرف والاغتصاب والختان الى الحالات الاقل حدة، مثل منع الفتاة من التعليم والرعاية الصحية. ووسع الكاتبان شبكتهما لتضم الصين والهند وكوريا واليابان وإفريقيا، ويروي كريستوف «ذهبت إلى قرية خارج العاصمة فينوم بن، حيث تجرى مزايدة على عذرية احدى الفتيات، ومن سخرية الاقدار أن الشرطة بدلاً من مساعدة الفتاة جاءت لكي تمنعها من الهرب من سيدها»، ويضيف أن «الفرق الوحيد بين هذه الممارسات وعبودية القرن الـ 19 هو أن هؤلاء الفتيات سيقضين نحبهن بسبب مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، ولايزلن في الـ20 من اعمارهن. ويرى انها ليست عبودية سرية، وانما تتم ممارستها في وضح النهار، تماماً مثلما كان العبيد الأفارقة قبل 150 عاماً يعملون في مزارع اسيادهم البيض.

امرأة تضطهد امرأة
على صعيد مختلف ليس الرجال في جميع الاحوال متورطين في هذه الممارسات، اذ هناك ايضاً النساء، ففي احد المواخير الهندية كشف كريستوف وزوجته أن صاحبة الماخور تجلد الفتيات بنفسها اذا رفضن الانصياع لأوامرها بممارسة الجنس مع العملاء، وفي بعض الاحيان تكلف زوجة ابنها أو أبناءها بالقيام بجلد الفتيات. ويرى كريستوف ان التحدي الاخلاقي في هذا القرن يتمثل في الصراع من اجل المساواة بين الجنسين في العالم النامي. ويقول إن آخرين يعتقدون ان المقارنة بين محنة هؤلاء الفتيات اليوم والاسترقاق في القرون الماضية أو المحرقة أو التطهير العرقي امر مبالغ فيه. ويرد على ذلك بقوله إن «هذه الممارسات استمرت عقدين من الزمان في الخفاء قبل ان تظهر للعلن، وعندما نسمع بان من 60 الى 100 مليون انثى اختفين من الحياة العامة فإن مثل هذا الرقم يمكن مقارنته بتجارة الرق في اوجها في القرن ا،لـ 18 عندما تم ترحيل 80 ألفاً من الارقاء من إفريقيا الى العالم الجديد، لنكتشف ان تجارة النساء عبر الحدود الدولية تبلغ 10 اضعاف تجارة الرقيق.

ويقول المؤلفان انهما سافرا بعد زواجهما مباشرة الى الصين (وودن من اصل صيني)، لتغطية احداث ميدان تيانمين لمصلحة صحيفة نيويورك تايمز. وتقول وودن «لقد افزعنا ما رأيناه في ميدان تيانمين»، لكنها تضيف «تجولنا في الضواحي بعدها بعام أو عامين وبدأنا نكتشف ما لم نسمع به من قبل: قتل جماعي للصغار، حيث تموت اكثر من 30 مليون فتاة صغيرة داخل المجتمع الصيني». واكتشف الزوجان أنه وعلى رأس كل اسبوع تموت الفتيات اليافعات في الصين جراء عدم حصولهن على الرعاية الصحية، تماماً مثل عدد المحتجين الذين ماتوا في ميدان تيانمين (800 شخص).اكتشاف مثل هذه الحقائق المؤلمة والانتهاكات الفظيعة جعلهما يتساءلان عن جدية العمل الصحافي الذي كانا يؤديانه هناك في الولايات المتحدة، حيث يتجادلان مع بقية الصحافيين في المسائل الجيوبولتيكية كل اليوم، في الوقت الذي تحدث فيه مثل هذه الانتهاكات الانسانية في مكان ما من العالم، وفي الوقت الذي يجري فيه كل ذلك تحت انظارهم دون ان يكتب عنه احد، مثله مثل «قضايا النساء» التي تتجاهلها صحافة التيار الرئيس، وتقول وودن «شعرنا بالفشل في عدم رؤيتنا كل ما يجري من فظاعات تحت اعيننا». وخلال السنوات اكتشفا أن هناك خيطاً يربط كل هذه العناصر ببعضها بعضاً، وان هناك سلوكاً اجتماعياً لا يسمح للنساء بان يصبحن اعضاء نشطات في المجتمع، وألا تتم معاملتهن كآدميات.

رقيق أبيض من العراق
فقد ينشط تجار الرقيق الأبيض في استغلال حالات البؤس المدقع في العراق، لتحقيق أرباح هائلة عبر تهريب الفتيات العراقيات، تحت ستار تأمين وظائف في المنازل، إلى دول الخليج وغيرها من دول الشرق الأوسط، حيث يتم إجبارهن على بيع أجسادهن في الفنادق والملاهي، وتختلف الأسعار بحسب الزبون وعمر الفتاة، وما إذا كانت عذراء أم لا، ولا تخلو الممارسات الجنسية من الوحشية، المترافقة مع العنف والمعاملة غير الإنسانية، والأقرب إلى ما كان يعيشه العبيد في العصور الغابرة. هذا ملخص الوضع الحالي لآلاف الفتيات العراقيات، كما يشرحه تقرير الشبكة الاتحادية الإقليمية للأنباء ‘ايرين’، الذي تتبع حركة تهريب آلاف الفتيات العراقيات، بينهن ثلاثة آلاف وخمسمائة فتاة سجلن كمفقودات في العراق، ويشتبه أنهن يخضعن لعبودية جنسية في أماكن مختلفة من الشرق الأوسط، وأورد التقرير قصصا واقعية لفتيات مثل مريم، 16 عاما، التي أجبر الفقر والدها على تسليمها مقابل ستة آلاف دولار إلى أشخاص، وعدوه أنهم سيرسلونها إلى مدينة دبي لتعمل في تنظيف البيوت، على أن يعيدوها إليه بعد عام، مريم التي وافقت على الذهاب لتعين والدها على تربية إخوتها، خصوصا بعد أن حصدت قذيفة حياة والدتها أثناء دخول القوات الأميركية إلى بغداد عام 2003، وجدت نفسها في احد فنادق دبي برفقة رجل عجوز، عمد إلى مجامعتها مستخدما الشدة والعنف بعد أن دفع مبلغا إضافيا ثمنا لعذريتها، وقبعت مريم لفترة في شقة في دبي برفقة أكثر من 20 فتاة، يتم استغلالهن جنسيا كل يوم لمصلحة عصابات الرقيق الأبيض، التي كانت تهددهن بالقتل في حال رفضن الاستمرار بالعمل، غير أنها تمكنت من الفرار والعودة إلى بغداد، حيث تقوم جمعية حرية المرأة العراقية برعايتها، ونقل التقرير الذي نشرته الشبكة الاتحادية الإقليمية للأنباء، وهي شبكة تابعة بشكل شبه رسمي لمنظمة الأمم المتحدة، عن نهى سليم، الناشطة في إحدى الجمعيات النسائية، ان الوضع الأمني في العراق يجعل وقف هذه العملية مستحيلا. بحسب شبكة الانباء الانسانية ايرين.

وعن الأوضاع الحياتية والإنسانية لتلك النسوة فقد نقل التقرير عن شارلا مسبح، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، والتي تدير ملجأ في دبي لإيواء النساء ضحايا الاستغلال الجنسي، أن الوضع شديد الصعوبة والتعقيد، ووجهت شارلا اللوم إلى عصابات منظمة عالمية، تمتلك فنادق في دبي، تقوم بتهريب الفتيات من الخارج، للعمل في التجارة الجنسية في تلك الفنادق، بعد أن تغريهن بالقدوم عبر عروض وهمية للعمل كمدبرات منازل برواتب محترمة، وأضافت شارلا أن بعض الفتيات يجبرن على دفع 10 آلاف دولار للحصول على العمل، ليفاجأن بعدها بالعمل كعاهرات مقابل مبالغ تتراوح بين 6 دولارات و6 آلاف دولار، وذلك بحسب الزبون، التقرير الذي انتقد تقصير الإمارات في مجال ضرب شبكات التجارة الجنسية المنظمة، عاد ونوه بالجهود الحثيثة التي بدأتها البلاد في سبيل تدريب رجال القضاء والشرطة والأمن على التعامل مع الظاهرة، إضافة إلى تشديد الرقابة على تأشيرات الدخول لمواطني البلدان التي تشهد تهريبا، ولفت التقرير أيضا إلى تحول المجاورة إلى مقصد آخر لتهريب النساء العراقيات، بسبب قربها من العراق حيث يسهل بالتالي إدخال النساء إليها وإخراجهن منها، وبسبب سهولة التنقل بين سوريا والعراق، يبقى الرقم الحقيقي للنساء العراقيات اللواتي يتم تهريبهن إلى سوريا غير معروف، وبغياب القوانين الرادعة، والملاجئ المخصصة لإيواء تلك النسوة في سوريا، فقد لا يعرف أبدا الحجم الحقيقي لتلك التجارة البائسة بأرواح وأجساد البشر. يذكر أن الشبكة الاتحادية الإقليمية للأنباء ‘ايرين’ التي أعدت ونشرت التقرير، تتلقى دعما ماليا رسميا من دول مثل استراليا، وكندا، والدانمرك، واليابان، وبريطانيا، والولايات المتحدة. وبالرغم من كونها مركزا إخباريا تابعا لمنظمة الأمم المتحدة فان تقاريرها لا تعبر بالضرورة عن رأي المنظمة.

مافيا الاتجار بالنساء
على صعيد ذو صلة ومع هبوط الظلام تحتشد عشرات النساء في ساحة تاموزينيا، وعند اقتراب سيارة ليموزين يتجمعن حولها، وتبدأ المقايضة مع اماماشكا (القوادة) للتوصل الى اتفاق، انها مدينة اوديسا ميناء أوكرانيا على البحر الاسود، التي تعتبر احد اهم مراكز تجارة وتهريب النساء في العالم، ونظراً إلى فساد الشرطة والجريمة المنظمة، يتم بيع وشراء النساء وتعذيبهن، وخداعهن وفي حالات عدة تهريبهن الى المجهول، ونشرت وزارة الخارجية الاميركية تقريرا يتضمن دراسة شاملة ووافية عن هذا الموضوع بعنوان «تهريب الاشخاص»، ويشير التقرير إلى ان نحو 800 الف شخص يتم الاتجار فيهم عبر دول العالم، إذ ينتهي المطاف ببعضهم الى دور البغاء، وصالات المساج، والعديد من هؤلاء يأتون من اوكرانيا.

وبعيدا عن التقرير، وفي داخل مكاتب منظمة «ايمان، امل، حب»، الخيرية تؤكد الناشطة اولغا كوستيوك أن «ذروة الموسم» قد بدأت، وهي الهجرة السنوية لآلاف النساء للانضمام الى تجارة الاوديسا الجنسية، ويتم ذلك بالإكراه لبعض النسوة والخداع، عن طريق تقديم عروض العمل لأخريات. وعلى بعد ميلين الى الشرق من ساحة تاموزينيا تتجمع النساء في شارع كولونتايافسكايا. وهنا تمارس الرذيلة مقابلة 40 يورو للزبون، وتتعرض النساء للكثير من العنف، كما ان هذا الشارع المعزول يعتبر المكان الذي تختفي فيه النساء، او يتم تهريبهن، وتمارس ميلا، (18 عاما)، الرذيلة منذ ان كانت في الـ12 من العمر، وتقول «توفيت امي وطردني أبي من المنزل ولم يكن امامي سوى هذا العمل»، وبدأت صديقتها كاترينا هذا العمل وهي في الـ14 من عمرها، وتقول «اريد التوقف عن ذلك، ولكن ليس هناك اي عمل أمارسه»، وتشير الاحصاءات الاخيرة المتعلقة بالمومسات في اوديسا إلى ان 90٪ منهن يرغبن جاهدات في التخلص من هذه المهنة، وتعمل اعداد كبيرة من نساء ملدوفيا في هذا المجال. ويقول ناشطون محليون إن قرى بأكملها فرغت من النساء الشابات. وعندما يصلن الى اوديسا يتم استغلالهن و«تصديرهن» من قبل المافيا، التي تطورت اثر انهيار الاتحاد السوفييتي، وازدهرت تلك العصابات كثيراً في السنوات الاخيرة. وركز التقرير الاميركي على دور الموظفين الحكوميين في تهريب البشر. ويعتبر المدعون العامون، وشرطة مكافحة التهريب، وحرس الحدود، متورطين في تجارة الجنس جميعهم، وتقول النسوة اللواتي يعملن في ساحة تومازينايا انهن كن يدفعن نحو اربعة جنيهات للشرطة عن كل ليلة. وتجد النسوة، اللواتي لا يتم تهريبهن الى الخارج انفسهن مضطرات للعمل في شوارع اوديسا التي تعج بالعنف، إذ يواجهن أعمال عنف كثيرة، وهذا هو ما يميز المهنة. وقالت ميلا «يعمد القوادون الذين نعمل معهم الى نقلنا الى الضواحي الجانبية، وهناك نتعرض للضرب والاغتصاب. ولا يتدخل احد لحمايتنا، لانهم يدفعون المال للشرطة، ويتجلى الفساد في اشكال عدة، حيث تقوم دور الايتام الحكومية ببيع الاطفال، وحاولت منظمة « ايمان، امل، حب، أخيرا ان تنقذ فتاة في الـ15 من عمرها من إحدى دور الايتام في اوديسا، وتقول كوستياك «لكنها لا تريد ان تتوقف عن العمل في الدعارة، وعندما تم البحث عن القواد الذي يشرف على عملها وجدوا انه أستاذها في المدرسة، وتختفى آلاف الفتيات ضمن عشرات الشقق المخصصة للدعارة، والاندية المنتشرة في انحاء المدينة. ولا تستطيع المنظمات الخيرية الوصول الى هؤلاء الفتيات، وتقول اينا تيامشيك من «ايمان، امل، حب»، «حتى عندما نتصل بالقوادين الذين يشرفون عليهن فإننا لا نتمكن من العثور عليهن. ولانزال نجهل تعداد الفتيات المختفيات بالتحديد، وعلى الرغم من ان طرق تهريب الفتيات تختلف من واحدة لأخرى، الى ان معظم الفتيات اللواتي يجري تهريبهن من اوديسا، غالباً ما يتم ذلك عن طريق اغوائهن بحياة افضل. ويمضي المهربون أوقاتا طويلة في التجول داخل المدينة بحثا عن ضحايا جدد، ووصفت عاملة في منظمة انسانية كيف ان ابنة زوجها البالغ عمرها 15 عاما نجت من محاولتي تهريب. ويقول سيرغي كوستين الذي يعمل في مشروع «الطريق الى البيت، الخيري للمشردين في اوديسا «ان الوعود بالحصول على حياة افضل في الاتحاد الاوروبي هي التكتيك الاكثر استخداماً لاغواء الفتيات وتهريبهن للعمل في الرذيلة.

يســـرقون الضحايا.. وأجـورهن
فلم تتوقف جرائم تجار البشر عند حدود إجبار الضحايا على العمل في الدعارة، بل امتدت إلى ما يفترض أنه الحقوق التي ينبغي أن يتقاضينها عن العمل الذي يؤدينه. فقد ذكرت 14 ضحية من إجمالي 33 ضحية آوتهن مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، أنهن لم يحصلن على أجورهن من تجار الجنس، على الرغم من استغلالهن في هذا المجال، وأفاد تقرير لمنظمة العمل الدولية هذا العام بأن ضحايا الاتجار في البشر لا يقلّ عددهم عن ثلاثة ملايين شخص سنوياً، وأن أرباح الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال، على مستوى العالم، تصل الى نحو 28 مليار دولار سنوياً، كما تقدر أرباح العمالة الاجبارية بنحو 32 مليار دولار سنوياً.

الدول العربية
من جهته قال مسؤول كبير بالامم المتحدة ان المنظمة الدولية لمست تطورا كبيرا في تصدي الدول العربية للاتجار في البشر الذي يعتبر ثالث اكبر تجارة غير مشروعة على مستوى العالم، وقال محمد عبد العزيز الممثل الاقليمي لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومقره القاهرة ان الامم المتحدة لمست "تطورا كبيرا في استجابة بعض الدول العربية لمكافحة الاتجار في البشر، واضاف انه "صدرت العديد من التشريعات بهذا الصدد في مصر والبحرين وقطر والامارات ومن بينها قانون زراعة الاعضاء في مصر وتنظيم قواعد الكفالة في البحرين، كما ان الاتجار في البشر يحتل المركز الثالث كأكبر تجارة غير مشروعة على مستوى العالم بعد تجارة الاسلحة والمخدرات، وافاد تقرير لمنظمة العمل الدولية ومقرها جنيف هذا العام أن ضحايا الاتجار في البشر لا يقل عددهم عن ثلاثة ملايين شخص سنويا من بينهم 1.2 مليون طفل وأن أرباح الاستغلال الجنسي للنساء والاطفال تصل الى نحو 28 مليار دولار سنويا كما تقدر أرباح العمالة الاجبارية بحوالي 32 مليار دولار سنويا، وقال عبد العزيز "تسعى الامم المتحدة من خلال مكتبها لمكافحة الجريمة والمخدرات الى مساعدة الدول العربية على تحديث التشريعات الخاصة بمكافحة الارهاب والاتجار في البشر والفساد بما يتلاءم مع المتغيرات التي فرضتها العولمة، واضاف أن "العولمة والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والمستجدات في مجال حقوق الانسان تتطلب تحديث التشريعات والقوانين بصورة تمكن الدول من التصدي للصور الجديدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تعرقل جهود الاستثمار والتنمية في الكثير من بلدان العالم، وأطلقت الامم المتحدة البرنامج الاقليمي المعني بمكافحة المخدرات وتحديث العدالة الجنائية في الدول العربية في الفترة من 2011 وحتى 2015، ويهدف البرنامج الى تقديم المساعدة القانونية في مجال تحديث العدالة الجنائية. بحسب رويترز.

البرنامج يستهدف تدريب المتخصصين في المجال التشريعي بحيث "يكون القضاة وجهات انفاذ القانون على دراية بالمظاهر الجديدة للجريمة المنظمة وأساليب مكافحة الفساد والجرائم التي ترتكب ضد البيئة، وذكر عبد العزيز ان البرنامج يهدف ايضا الى مكافحة التجارة في المخدرات وتعاطيها في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، ويشمل البرنامج الجزائر والبحرين ومصر والعراق والاردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وسلطنة عمان وقطر والسعودية والسودان وسوريا وتونس والامارات العربية المتحدة واليمن ومناطق السلطة الفلسطينية.

أوربا
على صعيد أخر وافق وزراء العدل والداخلية في دول الاتحاد الأوروبي على إصدار قوانين جديدة موحدة أشد صرامة في مواجهة جرائم التجارة المنظمة بالنساء والأطفال لأغراض جنسية، ويأتي ذلك وسط مخاوف من آثار تنامي أعداد ضحايا هذه التجارة، وقال وزير العدل السويدي بودستروم إن هناك فتيات في سن الخامسة عشرة والسادسة عشرة في بيوت الدعارة السرية "يتعرضن للاغتصاب يوما بعد يوم، ولن يأخذ الأمر وقتا طويلا ليجدن أنفسهن قد انغمسن تماما في هذا العمل رغما عنهن، وأكد بودستروم أن جميع الوزراء أعلنوا تأييدهم لعملية الإسراع في سن القوانين الرادعة والمناسبة لهذا النوع من التجارة، وفي أشارت المسودة إلى فشل دول الاتحاد الأوروبي في محاربة تجارة الرقيق والاستخدام الجنسي للأطفال رغم توقيعها عام 1997 على إعلان بهذا الشأن. بحسب فرانس برس.

وقدر تقرير للمفوضية الأوروبية أن ما يقارب نصف مليون طفل وامرأة يتم إحضارهم إلى أوروبا سنويا لاستغلالهم في سوق الدعارة بحجة البحث عن فرص عمل شرعي، وأعلن مفوض الشؤون العدلية والداخلية بالاتحاد الأوروبي أنتونيو فيتورينو أن اللجنة اقترحت أن تكون العقوبات المتعلقة بهذا النوع من الاتجار في البشر، هي السجن لأكثر من عشر سنوات، وتتنايب العقوبات المشددة مع سن الضحية واستخدام العنف معها والمكسب الذي تحقق من العملية، وقال فيتورينو إن القوانين يجب أن تشتمل على كيفية توفير الحماية للضحايا الذين يشهدون أمام المحاكم ضد المتاجرين بهم، لكنه لم يتطرق إلى إمكانية منحهم تصاريح إقامة مؤقتة، وذكر بيان صادر عن رئاسة الاتحاد الأوروبي في السويد أن عدد الضحايا من النساء والأطفال في هذا النوع من التجارة أخذ في الارتفاع في السنوات الأخيرة.

المرأة العاملة / رؤية معاصرة

في عالم اليوم، لم تعد المرأة عبئا على المجتمع، ولم تبق حبيسة البيت، ولا ينحصر دورها فيما تحتاجه العائلة من شؤون التنظيف والطهو وادارة الاعمال البيتية فقط، بل تعدّى دورها البيت الى ميادين العمل الاخرى، ومنها أماكن يشتغل فيها الرجل، وقد أثبتت المرأة نجاحا ملموسا في العديد من الاماكن والمجالات الانتاجية التي كانت حكرا على الرجل، لذلك وعت الشعوب المتحضرة أهمية فسح المجال أمام المرأة لاثبات ذاتها واظهار قدراتها للاستفادة منها في بناء المجتمع.

آفاق العمل النسوي
لقد توسعت مجالات العمل النسوي كثيرا، نظرا للتطور المادي، الصناعي والزراعي الهائل، بما يتناسب وحجم الزيادة السكانية المتصاعدة في عموم العالم، فلم يعد مناسبا ولا مقبول أن يقتصر دور المرأة على البيت حصرا، بل لابد من سن ضوابط وخطوات مساعدة لتسهيل عمل المرأة، والاستفادة من طاقاتها الفكرية والعملية الكبيرة واستثمارها في البناء.

وقد طرح الامام الراحل، آية الله العظمى، السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) مجموعة من الرؤى والحلول المعاصرة، التي يمكن من خلالها للمرأة أن تقوم بدورها المجتمعي كما يجب، على ان يتناسب ذلك مع قدراتها الجسمانية وانوثتها وفقا لموازين الدين، فقد ورد في الكتاب القيّم لمؤلفه الامام الشيرازي والموسوم بـ (الفقه: الادارة / ج2)، بهذا الخصوص: (كانت المرأة ولا تزال تعمل في حقول الزراعة والتسويق، وكذلك الولادة وغيرها، وأضيف الى أعمالها في الوقت الحاضر دخولها في المؤسسات الحديثة، كالمستشفيات ودور العجزة والمعامل والمصانع ونحو ذلك، لذلك على الأمة والدولة إدارة شؤون المرأة ككل، إدارة لا تنافي أنوثتها ولا اشتغالها بأمور البيت، بحيث تتطابق تلك الإدارة مع موازين الدين عند المسلمين).

ضوابط تقف الى جانب المرأة
وطالما أن عمل المرأة خارج البيت أصبح أمرا مفروغا منه، وصار دخولها الى الدوائر الرسمية والمصانع والمؤسسات الانتاجية امرا مألوفا، إذن لابد من ضوابط ملزمة تساعد المرأة على اداء وظيفتها، وتراعي خصوصيتها، فيما يتعلق بقدراتها الجسمية وشؤون الولادة وما شابه، لذا يسهم الامام الشيرازي بوضع مقترحات عملية بهذا الشأن منها: (يجب منح الزوجة إجازة من دون مرتب إذا رخص لها بالسفر إلى الخارج لمدة ستة أشهر أو أكثر أو أقل، حسب موازين الإجتماع، أو عندما تسافر العاملة إلى الخارج لأجل تعلم أو ما أشبه ذلك، كذلك ينبغي منحها إجازة من دون مرتب لرعاية طفلها، وذلك بالحد الذي يكون ملائماً مع البيئة، كأن تكون الاجازة لمدة عام أو أكثر أو أقل، وذلك لثلاث مرات أو أكثر أو أقل، طوال مدتها الوظيفية، وتتحمل جهة العمل اشتراكات التأمين المشتركة عليها، وفق احكام التأمينات الإجتماعية، أو تمنح تعويضاً عن أجرها بما يراه القانون الصحيح عادلاً من المرتب الذي كانت تستحقه من تاريخ منحها الإجازة وذلك وفق إختيارها).

وطالما أن رعاية الاطفال الأسرية تقع على عاتق المرأة بالدرجة الاولى، فإن الامر يتطلب مراعاة المرأة التي تعمل خارج بيتها، في التدريس او التطبيب او الدوائر الرسمية والانتاجية، لهذا ينبغي مراعاة قضية الولادة للمرأة العاملة، حيث يؤكد الامام الشيرازي قائلا في هذا المجال: (يلزم توفير دور الحضانة لرعاية الطفل حيث تواجه المرأة العاملة مشكلة ترك أطفالها ورعايتهم أثناء تواجدها في العمل، مما يؤثر على استقرارها النفسي أثناء تأدية أعمالها، وكذلك ربما يؤثر على إنتاجها، ويتطلب علاج هذه المشكلة ضرورة التوسع في إنشاء دور للحضانة على المستوى العام، في المناطق والأحياء القريبة من محل السكن).

كذلك لابد من الوقوف الى جانب المرأة العاملة، ومساعدتها كي تنجح في الموازنة بين اداء عملها البيتي العائلي، وعملها الانتاجي ايضا، لذا يقترح الامام الشيرازي في هذا الشأن ما يلي:

(ينبغي توفير الأجهزة المنزلية الميسرة، إذ أن توفر تلك الأجهزة يمكن المرأة العاملة من تأدية أعمالها المنزلية بسهولة ويسر، وعلاج ذلك يتطلب ضرورة تسهيل حصول المرأة على مثل هذه الأجهزة بالأسعار والشروط المناسبة، ويمكن للأجهزة الحكومية والوحدات الادارية والنقابات والجمعيات وغيرهم المساهمة في توفير مثل هذه السلع التي أصبحت من الإحتياجات الأساسية لكل أسرة).

الجانب التعليمي والمواصلات
العلم والعمل صنوان، أحدهما يقترن بالآخر، فالعمل من دون علم جهل، ونتائجه فاشلة حتما، أما العلم بلا عمل، فهو عبارة عن كلمات فارغة من الفائدة المادية، لذا ينبغي أن تتعلم المرأة العاملة، كما يؤكد على ذلك الامام الشيرازي قائلا: (توفير المناخ الملائم لتعلمها وإن كانت كبيرة السن، فإن العلم بالإضافة إلى أنه فرض شرعي ونور يوجب تقدم الانسان في المجتمع وتقدم المجتمع إلى الأمام).

وطالما أن المرأة تعمل خارج بيتها، فإنها بحاجة الى التنقل، وهذا يتطلب مساعدة الجهات المعنية التي تعمل لديها المرأة، لاسيما أن المواصلات في المدن المعاصرة، أصبحت مشكلة كبرى، لذا يقترح الامام الشيرازي، لمعاونة المرأة على تجاوز معضلة النقل ما يلي: (إن المواصلات في العصر الحاضر خصوصاً في المدن الكبيرة تعد من أهم المشكلات التي يعاني منها المجتمع ككل وخصوصاً المرأة، والتي تؤثر على نفسية المرأة بصورة أكثر، بالإضافة إلى تأثيرها على الكفاية الانتاجية سواء للرجل أو للمرأة، ويمكن المساهمة في علاج هذه المشكلة أو التخفيف من حدتها عن طريق قيام الأجهزة الحكومية والوحدات الاقتصادية والجمعيات والنقابات ومن أشبه بهم بشراء أو استئجار وسائل مواصلات خاصة للعاملين والعاملات ومن إليهم مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لذلك).

وفي كثيرا من الاحيان، تعجز الجهات الرسمية أو المعنية بعمل المرأة، عن تذليل المصاعب الكثيرة والكبيرة التي تواجه المرأة العاملة، لأسباب منها عدم إيلاء الاهمية المطلوبة في هذا المجال من لدن الدولة، أو المؤسسات الانتاجية الرسمية والاهلية على حد سواء، لذلك يقترح الامام الشيرازي تأسيس وتفعيل المنظمات والجمعيات الخيرية المتخصصة بمساعدة المرأة، ومعاونتها في تذليل المشكلات الجمة التي تواجهها، إذ يقول الامام الشيرازي بهذا الخصوص في كتابه المذكور نفسه: ينبغي (تكوين جمعيات نسائية لمختلف شؤون المرأة كشأن الدراسة، والخطابة، وتزويج الفتيات والعانسات، وتعليم المهن كالخياطة والتطريز ونحوهما، ومراعاة الأمومة والطفولة، والعمل اللائق لهن ومعالجة ظاهرة العنوسة وحل المشاكل العائلية، لذلك على الدولة والأمة أن تقوما بالرعاية الكافية وبشؤونها وبدراستها دراسة علمية وعملية واقتراح الحلول المناسبة لها ، فإن الإهتمام بمشكلات المرأة وحلها وتقديمها إلى الأمام ليس اهتماماً بها فقط ، ولكن اهتماماً بالمجموعة البشرية وللرأي بصورة خاصة).

الـــــــزواج

تعريفـــه
الزواج لغةً : هو اقتران أحد الشيئين بالآخر ، وإزدواجهما – أي صار زوجاً بعد ان كان كل واحداً منهما فرداً .
ومنه : الضم ، كأن الزوج ضم زوجته إلى صدره ضمّاً يشبه ضم أم الغلام لغلامها إلى صدرها ، في حنان وشوق ورأفة ، ويطلق على العقد والوطء.
الزواج عند الفقهاء : المعنى الشرعي لكل من الزواج والنكاح هو ما يطلق على العقد الذي يعطي لكل واحد من الزوجين حق الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع.
وعرفه العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بأنه ( تعاقد بين رجل وإمرأة يقصد به إستمتاع كل منهما بالآخر وتكوين أسرة صالحة ومجتمع مسلم ، ومن هنا نأخذ أنه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع ، بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو : تكوين الأسر الصالحة والمجتمعات السليمة ، لكن قد يغلب أحد القصدين على الآخر لإعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص ).
آدابـــــه
من آداب الزواج أموراً منها:
 أولاً:  أن يضع الزوج يده  على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها: قال صلى الله عليه وسلم: "  إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله عز  وجل وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك  من شرها وشر ما جبلتها عليه "  رواه البخاري
 ثانياً:  يستحب للزوجين أن يصليا ركعتين معاً: لما روي عن ابن مسعود  أن النبي صلى الله عليه وسلم: "  إذا دخلت المرأة على  زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: اللهم بارك لي في أهلي وبارك  لأهلي في، اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق  بيننا إذا فرقت في خير " أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
 ثالثاً:  ينبغي أن يقول الرجل حين يأتي أهله: ((  بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا  )).  قال  صلى الله عليه وسلم: "  فإن قضى الله بينهما ولداً لم  يضره الشيطان أبداً "  رواه البخاري.
 رابعاً:  اجتناب  الأوقات والمواضع المنهي عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "  من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد  كفر بما أنزل على محمد "  رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي وصححه  الألباني.
 خامساً:  الوضوء أو الغسل قبل النوم والغسل أفضل، لقوله  صلى الله عليه وسلم: "  ثلاثة لا تقربهم الملائكة، جيفة  الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب إلا أن يتوضأ " أخرجه أبو داود  وحسنة الألباني   .
 سادساً:  النية في النكاح، ينبغي لهما أن ينويا  بنكاحهما إعفاف نفسيهما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله صلى الله عليه وسلم: "  وفي بضع أحدكم صدقة! "  قالوا يا رسول  الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "  أرأيتم لو  وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ "  قالوا: بلى، قال: "فكذلك إذا وضعها في الحلال  كان له فيها أجر "
 سابعاً:  تحريم نشر  أسرار الاستمتاع لقوله صلى الله عليه وسلم: "  إن أشر  الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر  سرها "
 ثامناً:  استحباب الوليمة، لقوله  صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: "  أولم ولو  بشاة
 تاسعاً : وجوب إجابة الدعوة، لقوله  صلى الله عليه وسلم: "  إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة  فيأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله "
 عاشراً:  استحباب الدعاء للمتزوجين، فعن أبي هريرة  رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تزوج الإنسان قال: "  بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير "  وفي  رواية: "  في خير " [قال الحاكم: صحيح على  شرط مسلم]. ولا يجوز التهنئة بقوله: بالرفاء والبنين ، لأنها من تهنئة الجاهلية وقد  نهى الرسول عنها.
 الحادي عشر:  الغناء والضرب بالدف، ويجوز له أن  يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط والغناء المباح الذي ليس  فيه وصف الجمال وذكر الفجور، لقوله صلى الله عليه وسلم: "  فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف    "  أخرجه النسائي  والترمذي، قال الحاكم: صحيح الإسناد ، أي أنه يجوز للنساء فقط بشرط الضرب بالدف فقط  ولا يكون على ألحان الأغاني الماجنة ولا كلماتها
أحكامه
 الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلك: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، وقال تعالى أيضا: {وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض}، ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه.
 ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل على هذا أحاديث منها:
 1- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: [رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له لاختصينا]، والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في الإسلام. بل قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة الإسلام وهديه وهو الحديث الآتي:
 2- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني] (متفق عليه). وهذا صريح في أن هذه الشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء.
 وقد جاءت الأحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة الله ومرضاته من ذلك:
 1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء] (رواه الجماعة).
 وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما في الحديث:
 [إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش، وإن الأذن تزني وزناها السمع، وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه]، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار السيئة النفسية المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعنت حيث قال تعالى في شأن إباحة الزواج من الإماء: {ذلك لمن خشي العنت منكم}، وهو الإرهاق النفسي الذي يصاحب الكبت الجنسي.
 2- ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان ما يثاب به العبد وتكتب له به الحسنات: [وفي بضع أحدكم صدقة]، والبضع هو من المباضعة - والمباضعة: هي الجماع - قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له بها أجر]، وهذا الحديث غاية في بيان المراد في هذا الصدد وأن الزواج ليس من المباح الملهي وإنما هو من المباح الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى.
 3- وفي قوله صلى الله عليه وسلم: [دينار تنفقه على أهلك، ودينار تنفقه على مسكين، ودينار تنفقه في سبيل الله،أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك] (رواه مسلم).
 وفي هذا بيان أن النفقة على الأهل أحب النفقات وأعظمها أجراً عند الله سبحانه وتعالى وبالطبع هذا كله إذا ابتغى المسلم وجه الله سبحانه وتعالى لما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [واعلم أنك لن تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة تبتغي بذلك وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك] (متفق عليه).
 وقد استدل ببعض الأحاديث المتقدمة من يرى وجوب الزواج وأن من تركه مع القدرة عليه فهو آثم وهذا رأي ابن حزم وقول من أقوال الإمام ابن حنبل وعموم الفقهاء والأئمة على استحباب ذلك ولكن لا يخفى مع هذا أن من تركه زهادة فيه وهو آمن على نفسه من الفتنة وانشغالاً بأعمال أخرى من البر والدعوة والجهاد فنرجو أن لا يكون مثل هذا آثماً بتركه.