تعريفـــه
الزواج لغةً : هو اقتران أحد الشيئين بالآخر ، وإزدواجهما – أي صار زوجاً بعد ان كان كل واحداً منهما فرداً .
ومنه : الضم ، كأن الزوج ضم زوجته إلى صدره ضمّاً يشبه ضم أم الغلام لغلامها إلى صدرها ، في حنان وشوق ورأفة ، ويطلق على العقد والوطء.
الزواج عند الفقهاء : المعنى الشرعي لكل من الزواج والنكاح هو ما يطلق على العقد الذي يعطي لكل واحد من الزوجين حق الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع.
وعرفه العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بأنه ( تعاقد بين رجل وإمرأة يقصد به إستمتاع كل منهما بالآخر وتكوين أسرة صالحة ومجتمع مسلم ، ومن هنا نأخذ أنه لا يقصد بعقد النكاح مجرد الاستمتاع ، بل يقصد به مع ذلك معنى آخر هو : تكوين الأسر الصالحة والمجتمعات السليمة ، لكن قد يغلب أحد القصدين على الآخر لإعتبارات معينة بحسب أحوال الشخص ).
آدابـــــه
من آداب الزواج أموراً منها:
أولاً: أن يضع الزوج يده على مقدمة رأس الزوجة والدعاء لها: قال صلى الله عليه وسلم: " إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً فليأخذ بناصيتها وليسم الله عز وجل وليدع بالبركة وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه " رواه البخاري
ثانياً: يستحب للزوجين أن يصليا ركعتين معاً: لما روي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في، اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم، اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير " أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
ثالثاً: ينبغي أن يقول الرجل حين يأتي أهله: (( بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا )). قال صلى الله عليه وسلم: " فإن قضى الله بينهما ولداً لم يضره الشيطان أبداً " رواه البخاري.
رابعاً: اجتناب الأوقات والمواضع المنهي عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه أصحاب السنن الأربعة والنسائي وصححه الألباني.
خامساً: الوضوء أو الغسل قبل النوم والغسل أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تقربهم الملائكة، جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوف والجنب إلا أن يتوضأ " أخرجه أبو داود وحسنة الألباني .
سادساً: النية في النكاح، ينبغي لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما عن الحرام فإنه يكتب لهما صدقة لقوله صلى الله عليه وسلم: " وفي بضع أحدكم صدقة! " قالوا يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ " قالوا: بلى، قال: "فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر "
سابعاً: تحريم نشر أسرار الاستمتاع لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها "
ثامناً: استحباب الوليمة، لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: " أولم ولو بشاة
تاسعاً : وجوب إجابة الدعوة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا دُعي أحدكم إلى الوليمة فيأتها عرساً كان أو نحوه، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله "
عاشراً: استحباب الدعاء للمتزوجين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تزوج الإنسان قال: " بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما على خير " وفي رواية: " في خير " [قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم]. ولا يجوز التهنئة بقوله: بالرفاء والبنين ، لأنها من تهنئة الجاهلية وقد نهى الرسول عنها.
الحادي عشر: الغناء والضرب بالدف، ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط والغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور، لقوله صلى الله عليه وسلم: " فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف " أخرجه النسائي والترمذي، قال الحاكم: صحيح الإسناد ، أي أنه يجوز للنساء فقط بشرط الضرب بالدف فقط ولا يكون على ألحان الأغاني الماجنة ولا كلماتها
أحكامه
الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلك: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، وقال تعالى أيضا: {وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض}، ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه.
ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل على هذا أحاديث منها:
1- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: [رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له لاختصينا]، والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في الإسلام. بل قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة الإسلام وهديه وهو الحديث الآتي:
2- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني] (متفق عليه). وهذا صريح في أن هذه الشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء.
وقد جاءت الأحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة الله ومرضاته من ذلك:
1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء] (رواه الجماعة).
وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما في الحديث:
[إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش، وإن الأذن تزني وزناها السمع، وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه]، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار السيئة النفسية المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعنت حيث قال تعالى في شأن إباحة الزواج من الإماء: {ذلك لمن خشي العنت منكم}، وهو الإرهاق النفسي الذي يصاحب الكبت الجنسي.
2- ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان ما يثاب به العبد وتكتب له به الحسنات: [وفي بضع أحدكم صدقة]، والبضع هو من المباضعة - والمباضعة: هي الجماع - قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له بها أجر]، وهذا الحديث غاية في بيان المراد في هذا الصدد وأن الزواج ليس من المباح الملهي وإنما هو من المباح الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى.
3- وفي قوله صلى الله عليه وسلم: [دينار تنفقه على أهلك، ودينار تنفقه على مسكين، ودينار تنفقه في سبيل الله،أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك] (رواه مسلم).
وفي هذا بيان أن النفقة على الأهل أحب النفقات وأعظمها أجراً عند الله سبحانه وتعالى وبالطبع هذا كله إذا ابتغى المسلم وجه الله سبحانه وتعالى لما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [واعلم أنك لن تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة تبتغي بذلك وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك] (متفق عليه).
وقد استدل ببعض الأحاديث المتقدمة من يرى وجوب الزواج وأن من تركه مع القدرة عليه فهو آثم وهذا رأي ابن حزم وقول من أقوال الإمام ابن حنبل وعموم الفقهاء والأئمة على استحباب ذلك ولكن لا يخفى مع هذا أن من تركه زهادة فيه وهو آمن على نفسه من الفتنة وانشغالاً بأعمال أخرى من البر والدعوة والجهاد فنرجو أن لا يكون مثل هذا آثماً بتركه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire