أثـر الإسلام
1 - ما الأثر الذي كانت تتركه الآيات القرأنية في نفوس البلغاء؟
كان تفكير العربي في الجاهلية يدور في فلك محدود ، و قد شاهدنا صوره الشعرية و النثرية منتزعة من الظواهر الحسية المحيطة به ،
و قلما نجد أثرا للفلسفة و المعاني الروحية . فلما نزل القرآن على الرسول صلى الله عليه و سلم ، أطلقت ألسنة الخطباء ، و تفتقت مواهبهم بما أضفته الأيات و أضافته من بلاغة و معان جديدة وسعت آفاق عقولهم ، فكم من جهباذ و أسطون وقفا مبهورين أمام هذه الفصاحة التي أعجزتهم بقوة بيانها .
2 - ما الذي جعل خطب الخطباء أكثر جلالا و بمن اقتدوا في ذلك ؟
حقا فبعد نزول القرآن على النبي صلى الله عليه و سلم ،إطلع العرب على أساليب و مفاهيم لم يكونوا ليبلغوها لولا فضل الاسلام الذي وجد فيه الخطباء المجال فسيحا للاستشهاد بقدر أكبر ن ألفاظ القرآن و الاقتباس من آيه الكريمات ، حيث كان صلى الله عليه و سلم يستمد أفكاره من لدن عظيم ، قال تعالى " و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى "
3 - فيم وظف أبو بكر و عمر رضي الله عنهما اقتباساتهما من القرأن الكريم و هل تحققت غاياتهما ؟
أما أبو بكر الصديق فحين رأى جزع الناس يوم وفاة الرسو لفحاول أن يهدأ منروعهم مستندا بقوله تعالى :
" و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفا إن مات او قتل إنقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين "
و في عام الرمادة عانى المسلمون الأمرين الجوع و الخوف ، فما كان من الفاروق إلا دعوة القوم إلى الصبر و التضرع إلا الله مستعينا بقوله تعالى " و إما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ، و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحا فحفظتهما لصلاح أبيهما فاحفظ اللهم نبيك في عمه "
ما الأسلوب البياني الذي كثر استعماله في القرآن الكريم ؟
لقد كان التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن فهو يعبر بالصورة المحسوسة المتخيلة عن المعنى الذهني و الحالة النفسية ، فيرقي بالصورة حين يمنحها الحياة الشاخصة و الحركة المتعددة . و لتحقيق ذلك يستعين بالبيان من تشبيه و استعارة و مجاز مرسل . وقد كان للنثر منه نصيب السد لأن الناثر أقدر على توظيف عدة صور متلاحقة ، فالكتاب النثرية تمنح القلم حرية التعدد و التوسع على عكس الشعر المقيد بضوابط عروضية تلزم الشاعر عدم الخروج عنها .
مناقشة معطيات النص :
1 - هات آيات قرآنية تبين بها تجسيد الماني بصور بيانية ؟
الآية الأولى : "و مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله و تثبيتا من أنفسهم ، كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل " تصور هذه الآية الصدقات التي تنفق ابتغاء مرضاة الله كالجنة تقع فوق ربوة ينزل عليها وابل فيخصبها و يزهرها .و تخرج ثمارها ، و لو أن هذا الابل لم يصبها فإن لها من الخصب و الاستعداد للانباتما يعل القليل من المطر يحييها .
الأية الثانية " مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون " تجسم الآية ضعف العباد حين يجتمعون بالأولياء فهم عناكب ضئيلة واهنة تأوي إلى حمى هؤلاء الأولياء ، فحماهم كبيو ت العنكبوت بل أوهى و أضأل ، و لكنهم لا يعلمون حتى هذه البديهة فهم يضيفون إلى الضعف و الوهن الجهل و الغفلة حتى لا يعجزوا عن ادراك البديه المنظور .
بماذا تفسر تنفير القرآن من الشعر ودعوة الرسول شعراء المدينة إلى قوله و انشاده ؟
هل حارب الاسلام الشعر من حيث هو شعر و نهى الشعراء عن النظم مطلقا ؟ هل أيد الاسلام بعض الشعراء ووقف في سبيل الأخرين ؟
قبل أن نجيب عن السؤال الأول فلا بأس أن نبحث عن موقف الاسلام من الشعر و موقف الرسول عليه الصلاة و السلام من شعراء عصره ، لقد قرأ بعضهم كتاب الله العزيز و زعموا أن القرآن قد ذم الشعراء ذما مطلقا مستدلين بقول الحق " و الشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون و أنهم يقولون ما لا يفعلون " مغفلين أو متغافلين عن قوله تعالى " إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و ذكروا الله كثيرا و انتصروا من بعد ما ظلموا و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "
فقد استثنى الحق عز و جل الشعراء المؤمنين من الحكم الذي أنزله على غيرهم . في هذا ترخيض للشعراء المؤمنين الذين يعملون الصالحات و يذكرون الله كثيرا لنظم الشعر الذي يساعد على نشر الدعوة الاسلامية و يخث على مكارم الأخلاق
فكيف تلائم الآن بين موقف الاسلام من الشعر و تنزيه القرآن الرسول من قول الشعر ؟
إن الرسول لم يكم شاعرا بل لم يرو عنه بيت شعر واحد لئلا يتخد الكافرون من شاعريته دريعة لهم في الاحتجاج بأن القرأن الكريم قول شاعر . و مع ذلك أبى صلف القوم إلا أن يزعوا بأنه قول شاعر فتصدى له عز و جل " و ما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون " اتهموه زورا و بهتانا بالشاعرية ، فيرد الله كيدهم نافيا ان يكون عليه الصلاة و السلام قد تعلم الشعر " و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له إن هم إلا ذكر و قرآن مبين "
كتاب الله أسمى من أن يكون من لدن شاعر أو غير شاعر من البشر بل إن الانس و الجن أعجز من أن يأتوا بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، و في هذا الصدد يقول سبحانه و تعالى " قل لئن اجتمعت الانس و الجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا "
كما نستخلص من سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم أنه كان يشجع الشعراء على نظم الشعر و لم يحجز عنهم ألسنتهم في الذود عن الاسلام و النيل من أعداء الله . فقد رد على حسان بن ثابت حين استأذنه في الرد على الشعراء المشركين "أهجهم وروح القدس معك"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire